
تعد ولاية تيرس زمور واحدة من أبرز الوجهات السياحية التي تختزن إمكانيات كبيرة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بفضل مؤهلاتها السياحية المتنوعة التي تجمع بين الجغرافيا الطبيعية والتاريخية، مما جعلها تمثل ركيزة أساسية في خطة الدولة لتطوير قطاع السياحة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن أبرز هذه المعالم “كدية الجل” التي تعد واحدة من أهم المعالم الطبيعية في الولاية، حيث يبلغ ارتفاعها 950 مترًا عن سطح البحر، وهي سلسلة جبلية يستخرج منها معدن الحديد الخام.
وقد شهدت منطقتها زيارة العديد من السياح الأجانب، لما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة، جعلتها وجهة مثالية لمحبي المغامرات، ويضيف لها طابعًا خاصًا يميزها عن بقية المواقع السياحية.
كما توجد بالولاية “كلتت أم لحبال” التي هي عبارة عن منتجع طبيعي يقع في سفح الجبل بالقرب من طريق “واد امركلي”، وغالبا ما يزدحم بالزوار في عطلات نهاية الأسبوع، خاصة من العمال والسكان المحليين في مدينتي أزويرات وأفديرك، ويتميز هذا المنتجع بالهدوء والطبيعة الخلابة، لذا صار مقصدا مثاليا للراحة والتنزه.
وكذا “سد أظليم” الذي يعتبر من الوجهات السياحية المهمة في ولاية تيرس زمور، خاصة خلال فترات الحر الشديد، حيث ينجذب إليه الزوار من المناطق المجاورة، نظرا للمياه التي يوفرها وتضاريسه الطبيعية التي تضفي جواً من الاستجمام.
دون أن ننسى “سبخة الجل” وهي من أهم المعالم الطبيعية التي تميز الولاية، حيث يتم استخراج مادة الملح منها، ويزورها العديد من السياح لمشاهدتها عن كثب، والاستمتاع بمشاهد استخراج الملح التقليدي، ففصلا عن الأهمية الاقتصادية لها، تشكل السبخة أيضًا مصدر جذب سياحي.
يضاف الى هذه المعالم السياحية قلعة “عين بينتيلي” التي تعتبر واحدة من المواقع الأثرية التاريخية المهمة في الولاية، وقد أنشئت في عام 1934م، وتحتفظ القلعة بجزء من تاريخ البلد، مما يجعلها وجهة ثقافية هامة للزوار المهتمين بتاريخ المنطقة.
ويشير السيد أحمد سالم ولد الصوفي، المندوب الجهوي للتجارة والسياحة، إلى أن السياحة تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، كما تساعد في امتصاص البطالة خاصة في صفوف الشباب والنساء، كما توفر السياحة مداخيل إضافية للتجار وأصحاب الوحدات السياحية، مما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي المحلي.
إضافة إلى ذلك، يمكن للسياحة أن تسهم في تعزيز مكانة الولاية على الصعيدين الوطني والدولي، من خلال التعريف بتراثها الثقافي والعادات والتقاليد التي تميزها، وتُعتبر الصناعات التقليدية، مثل نحت الحجارة وصناعة الحلي، أحد أبرز المزايا التي تميز ولاية تيرس زمور، حيث تساهم نساء الولاية بشكل كبير في هذه الصناعات.
التحديات التي تواجه السياحة في ولاية تيرس زمور:
رغم الإمكانيات السياحية الكبيرة التي تتمتع بها ولاية تيرس زمور، يبقى هذا القطاع يواجه عددا من التحديات التي تحد من نموه وتوسعه.
ومن تلك التحديات ضعف البنية التحتية خاصة شبكة الطرق في الولاية، حيث لا توجد سوى طريق واحد معبد قادم من العاصمة نواكشوط مرورا بمقاطعة أفديرك وصولا إلى مدينة أزويرات.
كما يعد نقص المياه من أبرز العوامل التي تؤثر على تطوير السياحة في الولاية، سواء كانت مياه الشرب أو مياه الري، فإن الولاية تعاني من قلة هذه الموارد الأساسية التي يمكن أن تحد من الاستثمارات في القطاع السياحي.
يضاف الى ذلك ارتفاع درجات الحرارة، خاصة في فترات الصيف، ما يحد من النشاطات السياحية في تلك الفترات، الشيئ الذي يساهم في حالة من الركود خلال أشهر الصيف، حيث يقل عدد السياح في هذا الوقت.
آفاق مستقبلية واعدة:
على الرغم من التحديات التي تواجه السياحة في ولاية تيرس زمور، تظل هناك آفاقا واعدة لهذا القطاع، ومن أبرز التطورات المنتظرة تحسين شبكة الطرق،حيث من المتوقع أن يسهم مشروع الطريق الرابط بين تيندوف (الجزائرية) وأزويرات في تعزيز حركة السياح بين الجزائر وموريتانيا.
كما أن الطريق الذي سيصل بين شوم وبولينوار، والذي من المتوقع أن يبدأ قريبًا، سيساعد في تعزيز الاتصال بين مختلف مناطق الولاية.
تحسين الخدمات الأساسية:
من المنتظر أيضًا أن يتم تحسين شبكات الكهرباء والإنترنت في الولاية، مما سيساهم في جذب المزيد من الاستثمارات السياحية ويعزز تجربة السياح.
كما يفتح المستقبل المجال لتطوير مشروعات سياحية مستدامة في ولاية تيرس زمور، بما يضمن الحفاظ على البيئة الطبيعية للمنطقة في ظل تدفق السياح.
وعلى العموم فإن ولاية تيرس زمور تمتلك إمكانيات سياحية كبيرة تؤهلها لأن تكون وجهة سياحية بارزة على المستوى الوطني والدولي، ومع تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات الأساسية، يمكن للسياحة في الولاية أن تساهم بشكل أكبر في تنمية الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز مكانة الولاية ثقافيا واقتصاديا